من يعرفني جيدا يعرف انني من عشاق استكشاف المكتبات في كل الدول التي أزورها .. . وعندما اتحدث عن المكتبات فأنا لا اتحدث عن محلات بيع الكتب البراقة المنظر الحديثة بصراحة فهي لا تشدني إطلاقا حيث اصبحت محلات تحت مسمى مكتبة يباع فيها كل شيء وأي شيء . أجمل المكتبات في نظري تلك الصغيرة جدا والتي تشعرك بأنك امام تحفة نادرة لا مثيل لها . حجمها صغير جدا و لايتسع حجمها الى وجود شخصين في آن واحد في اي ركن من أركانها لكن بالمقابل تحتوى على كتب ثرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى … وجدت ذلك المنظر الذي اعشقه في حي اورتاكوي الشهير في اسطنبول الاوروبية .ذلك الحي الساحر بجماله المطل مضيق البسفور .. في زقاق الحي القديم الرائع المليء بأكشاك أصحاب الحرف اليديوية الجميلة لفت انتباهي مجموعة مكتبات صغيرة جدا و مجاورة لبعضها البعض و يفصل بينها حاجز خشبي غير متساو في كل تفاصيله .. تبدو الكتب في ذلك المكان متمردة متناثرة ولكن بترتيب عفوي ..فهناك روايات أليف شافاق و أورهان باموق و باولو كويللو .هناك روايات المراهقين وقصص الأطفال ..وروايات بعضها داثرة أغلفته والبعض الآخر جذاب وزاهي . امام تلك المكتبات تستلقي قطتان جميلتان كأنهما جزء من لوحة رسمت من خيال رسام في تلك المنطقة الساحرة على البوسفور .. ..السؤال الذي طرح نفسه واسرعت أسر به الى من كان بصحبتي كان هو ؟ مالذي فكر به اصحاب هذه المكتبات عندما افتتحوها في هذا المكان الساحر؟؟؟ هل هي جزء من المنظر التاريخي لهذه المنطقة السياحية ؟؟ هل يوجد هناك من يتوقف امام هذه الكتب ويشتري منهم الكتب ؟؟؟ لفت نظري البائع التركي الشاب بصحبة سيدة كبيرة في السن ومجموعة شباب ، كان أشبه بمدير مجموعة قراءة ؛يحتضن كتابا بين يديه يقرأ عليهم من صفحاته وهم ينصتون اليه بإهتمام كبير .. وعلى يمينه صاحب المكتبة الأخرى يرتشف فنجان قهوته التركية بصحبة صديق رسمت الحياة الكثير من تفاصيلها على ملامح وجهه المجعد كثيرا لكنه مع ذلك كان وجهه فيه الكثير من السماحة .. والكثير والكثير من التفاصيل التي اتوقف عندها لدقائق في في كل مرة ازور هذه المنطقة الجميلة و التي أغادرها كل مرة على أمل عودة قريبة لها….
اعشق التفاصيل البسيطة في الحياة التي تحيط بي . اشعر بالإمتنان لكل فرصة تتاح لي فيها فرصة زيارة مدينة جديدة لتترك في قلبي أثرا كما تركت غيرها من المدن التي زرتها سابقا …. غادرت اسطنبول و ارتكاوي الجميلة في مخيلتي. …